كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد شرف بالنبي صلى الله عليه وسلم العرب أي فكيف لا يحسدون ابراهيم صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء وقد أوتي سليمان الملك.
127 ثم قال جل وعز: {وآتيناهم ملكا عظيما} قال مجاهد يعني النبوة وقال همام بن الحارث أيدوا بالملائكة والجنود.
128 ثم قال جل وعز: {فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه} قال مجاهد يعني القرآن وقيل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ويجوز أن يكون المعنى {فمنهم من آمن} بهذا الخبر {ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا} والسعير شدة توقد النار.
129 وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا} المعنى نلقيهم فيها يقال أصليته اصلاء ما إذا ألقيته في النار القاء كأنك تريد الاحراق وصليت اللحم إذا شويته أصليه صليا وصليت بالامر أصلى إذا قاسيت شدته.
وفي الحديث: «أن يهودية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاة مصلية» أي مشوية.
130 ثم قال جل وعز: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} في هذا قولان أحدهما أن الالم انما يقع على النفوس والجلود وان بدلت فالالم لا يقع على الانسان والقول الآخر أن يكون الجلد الاول أعيد جديدا كما تقول صغت الخاتم.
131 ثم قال جل وعز: {ليذوقوا العذاب} أي لينالهم ألم العذاب.
ثم قال تعالى: {إن الله كان عزيزا حكيما} أي هو حكيم فيما عاقب به من العذاب.
132 وقوله جل وعز: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار} أي ماء الانهار.
133 ثم قال جل وعز: {خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة} أي من الادناس والحيض.
ثم قال تعالى: {وندخلهم ظلا ظليلا} أي يظل من الحر والبرد وليس كذا كل ظل.
134 وقوله جل وعز: {ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها} قيل عن ابن عباس هذا عام وروي عن شريح أنه قال لاحد خصمين أعطه حقه فان الله عز وجل يقول: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
ثم قال شريح {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} فانما هذا في الربا خاصة وقيل انه نزلت {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} لما أخذت مفاتح البيت من شيبة بن عثمان.
وقال ابن زيد هم الولاة واستحسن هذا القول أن يكون خطابا لولاة أمور الناس أمروا بأداء الامانة إلى من ولوا أمره فيهم وحقوقهم وما ائتمنوا عليه من أمورهم وبالعدل منهم فأوصوا بالرعية.
ثم أوصى الرعية بالطاعة فقال جل وعز بعده {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم} الا أن ابن عباس قال: {وأولوا الأمر منكم} وأولوا الفقه والدين وقال مجاهد أصحاب محمد وقال أبو هريرة هم الامراء وهذا من أحسنها الا أنه في ما وافق الحق كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن أمر بمعصية فلا طاعة.
135 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم} قال جابر بن عبد الله أولو الامر أولوا الفقه والعلم وقال بهذا القول من التابعين الحسن ومجاهد وعطاء وقال أبو هريرة يعني به امراء السرايا وقال بهذا القول السدي ويقويه أن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني» وقال عكرمة أولوا الامر أبو بكر وعمر وهذه الاقوال كلها ترجع إلى شيء واحد لأن أمراء السرايا من العلماء لأنه كان لا يولى الا من يعلم وكذلك أبو بكر وعمر من العلماء.
136 ثم قال جل وعز: {فان تنارعتم أن في شيء فردوه إلى الله والرسول} اشتقاق المنازعة أن كل واحد من الخصمين ينتزع الحجة لنفسه.
137 وفي قوله جل وعز: {فردوه إلى الله والرسول} قولان أحدهما قاله مجاهد وقتادة فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله وكذلك قال عمرو بن ميمون فردوه إلى كتاب الله ورسوله فإذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فردوه إلى سنته.
والقول الآخر فقولوا الله ورسوله أعلم وهذا تغليظ في الاختلاف لقوله: {ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} قال قتادة وأحسن تأويلا وأحسن عاقبة.
وهذا أحسن في اللغة ويكون من آل إلى كذا.
ويجوز أن يكون المعنى وأحسن من تأويلكم.
138 وقوله جل وعز: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال الضحاك نزل هذا في رجلين اختصما أحدهما يهودي والآخر منافق فقال اليهودي بيني وبينك محمد وقال المنافق بيني وبينك كعب بن الأشرف.
139 وقوله عز وجل: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} أي يصدون عن حكمك.
140 وقوله عز وجل: {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} المعنى (فكيف) حالهم (إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله ان أردنا الا احسانا وتوفيقا) يروى أن عمر قتل المنافق الذي قال لليهودي امض بنا إلى كعب بن الاشرف يقض بيننا فجاء أصحابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحلفون بالله ان أردنا بطلب الدم الا احسانا وموافقة للحق وقيل المعنى إذا نزلت بهم عقوبة لم تردعهم وحلفوا كاذبين أنهم ما أرادوا باحتكامهم على إليه الا الاحسان من بعضهم الى بعض والصواب فيه.
141 ثم قال جل وعز: {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم} وهو عالم بكل شيء والفائدة أنه قد علم أنهم منافقون فأعلموا ذلك.
142 ثم قال جل وعز: {فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} أي قل لهم من خالف حكم النبي صلى الله عليه وسلم وكفر به وجب عليه القتل.
143 وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله} من زائدة للتوكيد ويدل على معنى الجنس ومعنى {الا باذن الله} الا بأنه أذن الله وقيل يجوز أن يكون معناه الا بعلم الله.
144 وقوله عز وجل: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} أي فيما اختلفوا فيه ومنه تشاجر القوم وأصل هذا من الشجر لاختلاف أغصانه ومنه شجره بالرمح أي جعله فيه بمنزلة الغصن في الشجرة ومنه اشتجر القوم قال زهير متى يشتجر قوم يقل سرواتهم هم بيننا فهم رضى وهم عدل.
145 وقوله جل وعز: {ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت} أي شكا وضيقا وأصل الحرج الضيق.
146 ثم قال جل وعز: {ويسلموا تسليما} أي ويسلموا لامرك وقوله تسليما مؤكد.
147 وقوله جل وعز: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} يروى أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله أنت معنا في الدنيا وترفع يوم القيامة لفضلك فأنزل الله عز وجل: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} فعرفهم أن الاعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون ليذكروا ما أنعم الله عليهم به.
148 وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا} قال قتادة الثبات الفرق وقال الضحاك الثبات العصب والجميع المجتمعون.
وقال أهل اللغة الثبات الجماعات في تفرقة والمعنى انفروا جماعة بعد جماعة أو انفروا بأجمعكم وواحد الثبات ثبة وهي مشتقة من قولهم ثبيت الرجل إذا أثنيت عليه في حياته لانك كأنك جمعت محاسنه.
149 وقوله جل وعز: {وان منكم لمن ليبطئن فان أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي} أي يبطئ عن القتال ويبطئ على التكثير يعنى به المنافقون {فان أصابتكم مصيبة} أي هزيمة.
{ولئن أصابكم فضل من الله} أي غنيمة {ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة} لله وقرأ الحسن {ليقولن} بضم اللام وهو محمول على المعنى لأن (من) لجماعة فهذا معترض والمعنى هو قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا {كأن لم يكن بينكم وبينه مودة} أي كأن لم يعاقدكم على الجهاد ويجوز أن يكون المعنى يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما كأن لم يكن بينكم وبينه مودة.
150 وقوله جل وعز: {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة} معنى يشرون يبيعون يقال شريت الشيء إذا بعته وإذا اشتريته.
151 ثم قال جل وعز: {ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما} وقرأ محمد بن اليماني فيقتل أو يغلب.
152 وقوله جل وعز: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان} قال الزهري المعنى في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين قال أبو جعفر قال أبو العباس يجوز أن يكون المعنى وفي المستضعفين ويجوز أن يكون المعنى وفي سبيل المستضعفين وقال الضحاك هؤلاء قوم أسلموا ولم يقدروا على الهجرة وأقاموا بمكة فعذرهم الله جل وعز.
153 ثم قال جل وعز: {الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} يعنى مكة.
154 وقوله جل وعز: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة} قال قتادة البروج القصور المحصنة ومعروف في اللغة أن البروج الحصون والمشيدة تحتمل معنيين 1 أن تكون مطولة 2 والآخر أن تكون مشيدة بالشيد وهو الجص وكذلك قال عكرمة وقال السدي هي قصور بيض في السماء الدنيا مبنية.
وقيل المشيدة المطولة والمشيدة مخففة المعمولة بالشيد وقيل المشيدة على التكثير يقع للجميع.
155 وقوله جل وعز: {وان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك} الحسنة هاهنا الخصب والسيئة الجدب.
156 وقوله جل وعز: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} من حسنة أي خصب وقيل هذا للنبي صلى الله عليه وسلم لأن المخاطبة له بمنزلة المخاطبة لجميع الناس والمعنى ما أصابك من حسنة فمن الله أي من خصب ورخاء.
وما أصابك من سيئة أي من جدب وشدة فمن نفسك أي فبذنبك عقوبة قاله قتادة ويروى أن اليهود قالوا لما قدم المسلمون إلى المدينة أصابنا الجدب وقل الخصب فأعلم الله جل وعز أن ذلك بذنوبهم وروى عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس أنه قرأ {وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك}.
وقيل القول محذوف أي يقولون هذا.
157 وقوله جل وعز: {ويقولون طاعة} والمعنى ويقولون أمرنا طاعة ومنا طاعة وفي الكلام حذف والمعنى ويقولون إذا كانوا عندك طاعة ودل على هذا قوله تعالى: {فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول} معنى بيت عند أهل اللغة أحكم الامر بليل وفكر فيه أي أظهر المعصية في بيته والعرب تقول أمر بيت بليل إذا أحكم وانما خص الليل بذلك لأنه وقت يتفرغ فيه قال الشاعر أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء.
ومن هذا بيت الصيام وقال أبو رزين معنى بيت ألف وليس هذا بخارج عن قول أهل الغة لأنه يجوز أن يكون التأليف بالليل وقيل معنى بيت بدل ولا يصح هذا.
158 ثم قال جل وعز: {والله يكتب ما يبيتون} يحتمل معنيين أحدهما أنه ينزله في كتابه ويخبر به.
وفي ذلك أعظم الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يخبر بما يسرونه ويحتمل أن يكون المعنى والله يعلم ويحصي ما يبيتون.